يعد تطور منظومات الدفاع الجوي الإيرانية في السنوات الأخيرة أحد أبرز مؤشرات التحول في الصناعة العسكرية المحلية، إذ انتقلت طهران من مرحلة الاعتماد على الأنظمة المستوردة أو المحدثة إلى مرحلة إنتاج منظومات بعيدة ومتوسطة المدى مبنية على تصميمات وهندسة وطنية، لا نسخًا مباشرة من أنظمة غربية أو روسية.
منظومة باور-373 تُعتبر ذروة هذا التوجه؛ فهي المشروع الأكبر الذي قدّمته الصناعات الجوية والدفاعية كبديل محلي متكامل لأنظمة بعيدة المدى. ورغم المقارنات الشائعة بينها وبين منظومة S-300 الروسية، فإن التصميم الداخلي، الرادارات المستخدمة، وهيكل الصواريخ وواجهات التحكم تُظهر مشروعًا تطور محليًا، استفاد من الخبرات السابقة لكنه لم يعتمد على نقل جاهز لتكنولوجيا أجنبية. المنظومة تعتمد على رادارات مصفوفة طورية محلية تعمل بترددات متعددة، ما يمنحها قدرة أعلى على كشف الطائرات الشبحية والمسيرات ذات البصمة المنخفضة، إضافة إلى صواريخ اعتراضية بمديات يُعلن أنها تصل إلى حدود 300 كيلومتر. وقد صُمّم الهيكل العام للنظام ليعمل كوحدة مستقلة كاملة المكوّنات: رادار، مركز قيادة، قواذف وصواريخ– وهو ما يعكس توجهًا واضحًا نحو الاكتفاء الذاتي.

