مشاعر الانتقام لدى الإسرائيليين بعد الضربة الساحقة التي تلّقوها من حركة حماس يوم السبت الأسود السابع من أكتوبر الجاري أفقدت حتى السياسيين في الكيان أعصابهم، وفي هذا السياق، طالبت النائبة طالي غوطليف، من حزب (ليكود) الحاكِم حكومة بنيامين نتنياهو باستخدام الأسلحة النوويّة، التي يملكها الكيان من أجل شطب غزّة نهائيًا عن الخريطة، وفق ما جاء في تدوينتها على موقع التواصل الاجتماعيّ (X)، تويتر سابقًا، وكان وزير الحرب الأسبق موشيه ديّان، الذي انهارت أعصابه في حرب أكتوبر 1973 بعد تقدّم الجيوش العربيّة، قد ناشد رئيسة الوزراء آنذاك، غولدا مائير، باستخدام أسلحة (يوم الدّين) لصدّ العرب قبل أنْ يُزيلوا إسرائيل عن الخارطة.
وفي هذا السياق ألقت مجلة (ناشيونال انترست) الأمريكيّة الضوء على الأسباب التي قد تدفع إسرائيل إلى استخدام السلاح النوويّ، مشيرةً إلى أنّ الدولة العبرية حافظت على رادعٍ نوويٍّ من أجل الحفاظ على توازن القوة ضد جيرانها.
وبرغم أنّ إسرائيل لا تقر بامتلاك ترسانة نووية، كشفت الرسائل المسربة من حساب وزير خارجية الولايات المتحدة السابق كولن باول، في عام 2016، العديد من الأسرار، كان آخرها حديثه عن أنّ إسرائيل تمتلك 200 صاروخ نووي.
ووفقًا للمصادر الأجنبيّة، تعتبر إسرائيل القوة النووية الخامسة في العالم، وذلك لحيازتها رؤوسًا نووية يمكن إطلاقها إلى مسافات تبلغ 1500 كيلومتر باستخدام صواريخها المسماة (أريحا)، إضافة للقنابل النووية التي يمكن إلقاؤها من الجو.
وتشير التقديرات إلى أنّ إسرائيل تمتلك نحو مائتي قنبلة نووية، مع تأكيد بعض المصادر الغربية حيازتها أيضًا كميات كبيرة من اليورانيوم والبلوتونيوم تسمح لها بإنتاج 100 قنبلة نووية أخرى.
ويُعتبر الملف النوويّ الإسرائيليّ من أكبر أسرار الحياة النووية في العصر الحالي، إذ رفضت إسرائيل منذ إنشائها أنْ تشملها عمليات التفتيش الدورية التي تجريها وكالة الطاقة الذرية على المنشآت النووية في العالم.
يذكر أنّ إسرائيل لم توقع على اتفاقية حظر الانتشار النووي، وتحرص على سياسية الغموض النوويّ، ولطالما بقيت صامته حيال حجم ترسانتها النووية أوْ حتى تأكيد امتلاكها لأسلحة نووية.
وقالت المجلة الأمريكية إنّ السيناريو الأكثر توقعًا لاستخدام الأسلحة النووية الإسرائيلية سيكون ردًا على هجومٍ نوويٍّ أجنبيٍّ، مؤكّدةً أنّ منظومة الدفاع الجويّ الإسرائيلية من أكثر الأنظمة تطورًا في العالم، ولذا من غير المتوقع ألّا تنجح دولة بخلاف دولة نووية كبرى في توجيه ضربةٍ أوليّةٍ ضد إسرائيل.
وأوضح التقرير أنّ أيّ هجومٍ نوويٍّ ضدّ إسرائيل سيقابل بضربة كارثية لا يمكن تصورها، وستكون أهداف الآلة العسكرية الإسرائيلية هي تدمير العدو كردٍ انتقاميٍّ.
وأضاف التقرير، أنّه إذا تيقنت إسرائيل أنّ هناك قوة معادية على وشك امتلاك أسلحة دمار شامل، فإنها قد تفكر في شنّ هجومٍ نوويٍّ وقائيٍّ.
وبشأن إيران، ذكرت المجلة الأمريكية أنّ المخططين الإسرائيليين يتوقعون ألّا يؤدي هجومٍ تقليديّ قويّ لتدمير البرنامج النووي الإيراني أوْ تأخيره، وفي مثل هذا السيناريو، وغياب التدخل المباشر من الولايات المتحدة، قد تقرر إسرائيل القيام بهجوم نووي محدود ضد المنشآت الإيرانية.
وتابعت المجلّة الأمريكيّة قائلةً إنّه بالنظر لافتقار إيران إلى الدفاعات الصاروخية الباليستية، فمن المرجح أنْ تقوم إسرائيل بتزويد صواريخها الباليستية متوسطة المدى من طراز (أريحا 3)، وفق التقرير، الذي رجح أنْ تستهدف الضربات الإسرائيلية أهدافًا مرتبطة على وجه التحديد بالبرنامج النووي الإيراني، وبعيدًا عن المناطق المدنية.
ومضت المجلّة قائلةً إنّه من المؤكّد أنّ الحكومة الإسرائيلية لا تريد كسر عتبة استخدام الأسلحة النووية قدر الإمكان، على الرغم من أنّ الضرر الناجم عن الأسلحة النووية أعنف من الهجمات التقليدية، في الوقت نفسه، من المحتمل أنْ يزيد الاستخدام النشط للأسلحة النووية من قبل إسرائيل من رغبة جميع دول المنطقة، وربّما في جميع أنحاء العالم، لتطوير ترساناتهم، على حدّ تعبيرها.
أمّا أكبر مخاوف إسرائيل فتتثمل في أنْ تبيع قوة نووية، إيران أوْ باكستان أوْ كوريا الشمالية، لمنظمة غير حكومية أوْ ميليشيا معادية، أسلحة استراتيجية، ولذا سيكون من الصعب ردع حركات مثل حماس أو حزب الله أوْ أيّ جماعة إرهابية أخرى تبتعد عن مفهوم الدولة القومية التقليدية.
ولفتت المجلة الأمريكيّة إلى أنّ حصول حركة مسلحة أوْ جماعة إرهابية على أسلحة دمار شامل قد يجبر إسرائيل على تنازلات لا ترغب في تقديمها، ولذا قد تفكر الدولة اليهودية في استخدام الأسلحة النووية من أجل منع نقل الأسلحة النووية أوْ تدميرها بعد التسليم.
وخلُصت المجلة إلى القول إنّ الفكرة القائلة بأنّ إسرائيل قد تخسر حربًا تقليديّةً تبدو سخيفةً الآن، لكن جوهر البرنامج النوويّ الإسرائيليّ يكمن في الخوف من قدرة الدول العربيّة على اقتناء ميزةٍ عسكريّةٍ حاسمةٍ يمكن أنْ تستخدمها لإلحاق الهزائم في ساحة المعركة.
14:52 - 2023/10/12
14:52 - 2023/10/12

