تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

d

إيران والمحتل الإسرائيلي: نحو إعادة تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط

في ظل التصاعد المستمر للتوترات في الشرق الأوسط، عاد المشهد الإقليمي ليحتدم على وقع عدوان جديد شنه الكيان الصهيوني ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في خرق فاضح وصارخ لكافة الأعراف والمواثيق الدولية. وكما هي عادته، يسعى هذا الكيان المحتل إلى تصدير أزماته الداخلية، والتغطية على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، من خلال إثارة الفوضى وتوسيع رقعة النزاع خارج حدود فلسطين المحتلة.
أولاً: العدوان كاستراتيجية وجود
الكيان الإسرائيلي، ومنذ نشأته المصطنعة على أنقاض فلسطين التاريخية عام 1948، دأب على اعتماد سياسة الهجوم الاستباقي كوسيلة لفرض هيمنته وتأمين استمراريته، مستندًا إلى دعم غير مشروط من القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة. إلا أن التاريخ يثبت أن العدوان لا يصنع استقرارًا، وأن سياسة القمع والإبادة، كما تُمارَس بحق الفلسطينيين، لا يمكن أن تُشرعن تحت أي مسمى سيادي أو أمني.

ثانيًا: انتهاك صارخ للشرعية الدولية
إن الاعتداء الإسرائيلي على دولة ذات سيادة كالجمهورية الإسلامية الإيرانية لا يمثل فقط خرقًا لسيادة دولة مستقلة، بل يشكل انتهاكًا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة، وتحديًا خطيرًا للقانون الدولي الذي يُجرم استخدام القوة في العلاقات الدولية إلا في حالات الدفاع المشروع عن النفس، كما يخرق اتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية المدنيين والمنشآت الحيوية.
ثالثًا: إيران وموقعها في المعادلة الجيوسياسية
إيران ليست دولة معزولة، بل هي قوة إقليمية تمتلك عمقًا حضاريًا، وموارد استراتيجية، ونفوذًا ممتدًا في أكثر من ساحة عربية وإسلامية. لقد أثبتت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، رغم العقوبات والحصار، أنها قادرة على الردع العسكري، والمناورة السياسية، وبناء تحالفات صلبة مع دول ومحاور المقاومة. هذا الموقع يمكن أن يتحول إلى نقطة تحول تاريخية في قلب المعادلة، لا سيما إذا ما استثمر في وحدة الصف الإسلامي ودعم الشعوب المستضعفة.

رابعًا: وحدة الأمة الإسلامية كعامل حاسم
إن ما لا يدركه المحتل الصهيوني هو أن الأمة الإسلامية، رغم ما تمر به من أزمات، لا تزال تمتلك عناصر الوحدة الحضارية والروحية التي تجعلها قادرة على التكاتف في وجه عدوها التاريخي المشترك. ومع كل عدوان على دولة من دول المقاومة، تزداد القناعة بضرورة بلورة موقف إسلامي موحد، يتجاوز الانقسامات الطائفية والمصالح الضيقة، ويعيد رسم أولويات الأمة نحو مقاومة المشروع الصهيوني الاستيطاني.

خامسًا: البُعد الإيماني والنبوي في معركة المصير

ما يجري اليوم يعيد إلى الواجهة النبؤة المحمدية الصادقة:

> "تقاتلكم اليهود فتقتلونهم، حتى يقول الحجر: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله" (رواه مسلم).
وهذه ليست دعوة للكراهية، بل وصف واقعي لنهاية كيان غاصب، مبني على الظلم والطرد والاحتلال، وعد الله بزواله، كما زالت قوى استكبار سابقة.
سادسًا: عوامل القوة التي قد ترجّح كفة إيران
1. الموقع الاستراتيجي: بين الخليج العربي وآسيا الوسطى وبلاد الشام.
2. القدرات العسكرية: الصواريخ الباليستية، الدفاعات الجوية، الطائرات المسيرة.
3. تحالفات إقليمية: مع قوى المقاومة في لبنان، العراق، اليمن، سوريا.
4. الشرعية الأخلاقية: مواجهة مشروع استيطاني توسعي.
5. الدعم الشعبي الإسلامي: حيث تُعتبر إيران في نظر كثير من الشعوب صوتًا للمظلومية وراية للكرامة الإسلامية.
6. القدرة على الحرب غير المتكافئة: عبر استخدام أدوات الحرب غير التقليدية، وأذرعها في المنطقة.
إن الكيان الإسرائيلي، بإقدامه على هذا العدوان، قد فتح على نفسه أبواب مواجهة متعددة الأبعاد، لن تنحصر في الرد الإيراني، بل ستتوسع لتشمل يقظة ضمير الأمة الإسلامية بأكملها. ولعل هذا العدوان يشكل بداية النهاية لكيان يقوم على الإجرام والغطرسة، ويعيد للأمة الإسلامية موقعها القيادي الحضاري والروحي.
وقد آن الأوان للعالم أن يدرك أن من يبدأ حربًا ضد أمة حية، يكتب نهايته بنفسه.

■الكاتب: محمد ولد عبد الله سعيد

17:32 - 2025/06/19
17:32 - 2025/06/19

تابعونا

fytw