
يعاني مستشفى الأمومة والطفولة من جملة من الإشكالات الإدارية والتنظيمية التي أثارت استياء عدد من أفراد الطاقم الطبي وشبه الطبي، وعلى وجه الخصوص الممرضين والقابلات، الذين عبّروا عن تذمّر متزايد من ظروف العمل والمعاملة داخل هذه المؤسسة الصحية المفترض أن تكون نموذجاً في الرعاية والرقي المهني.
تشير شهادات متطابقة إلى وجود تخبّط واضح في التسيير الإداري، يتمثّل في غياب العدالة المهنية وتراجع مستويات التنظيم الداخلي، وهو ما أثّر بشكل مباشر على أداء الفرق العاملة ومردودية الخدمات المقدّمة للمواطنين. وتبرز في هذا السياق مظاهر تمييزية في توزيع الامتيازات والخدمات الأساسية، كالوجبات الغذائية، حيث تحظى فئة الأطباء بمعاملة تفضيلية، بينما تُقدَّم وجبات دون المستوى اللائق للممرضين والقابلات والطواقم الميدانية التي تؤدي أدواراً حيوية في أقسام الاستقبال والمرافقة والرعاية اليومية للنساء والأطفال.
وقد عبّر الممرضون والقابلات عن رفضهم القاطع لاستمرار إرسال هذه الوجبات، التي وصفنها بأنها لا تليق بالاستهلاك الآدمي، مؤكدين أن جودة الطعام المقدَّم لا ترقى إلى الحد الأدنى من المعايير الصحية، ولا يمكن أن يُطلق عليه اسم "طعام". كما طالبن بتوقيف التعاقد مع الجهة المورّدة، لكون هذه الوجبات تُشكّل عبئاً مالياً كبيراً على ميزانية المستشفى دون أي عائد حقيقي على راحة أو تغذية الطواقم العاملة.
وتُوجَّه انتقادات صريحة إلى إدارة المستشفى، تتعلّق بسوء المعاملة وغياب الحد الأدنى من الاحترام المهني والتواصل الإداري السليم، وهو ما ولّد مناخاً من الإحباط والاحتقان داخل المؤسسة. ويتداول العاملون في المستشفى دعوات متزايدة إلى ضرورة تغيير الإدارة الحالية وإقالة المديرة، نظراً لما يُنسب إليها من تجاوزات أدّت إلى تدهور مناخ العمل وتراجع ثقة الموظفين في محيطهم المهني.
إن الوضع الراهن يستدعي تدخلاً عاجلاً من الجهات الوصية، سواء على المستوى الوزاري أو من خلال الهيئات الرقابية، من أجل فتح تحقيق نزيه وشامل حول أساليب التسيير داخل المستشفى، والاستماع إلى شكاوى الموظفين، وخاصة الممرضين والقابلات، باعتبارهم ركيزة أساسية في بنية الخدمات الصحية المقدّمة للأمهات والأطفال.
فإن العدالة المهنية والكرامة الإنسانية يجب أن تظلا في صلب منظومة العمل داخل أي مؤسسة صحية، والسكوت عن هذه الاختلالات يهدّد ليس فقط جودة الخدمة الصحية، بل يُقوّض الثقة في مؤسسات الرعاية العمومية ككل.

