فساد نخبة ام فساد مجتمع/ محفوظ الجيلاني

تضج شبكة التواصل حاليا بصيحات التنديد بالفساد الاداري والمالي الذي، ينخر جسم الدولة ويسمم كل اروقة الادارة..وقد راينا اليوم تنديدا واسعا ومواعظ من هنا وهناك حول حرمة الفساد والتعدي على املاك الدولة وضرورة تحمل السلطة الحالية كامل مسؤولياتها في هذا الصدد باحالة المشمولين في هذا الفساد الى الجهات القضائية كي تقول العدالة فيهم الكلمة المناسبة والرادعة لهذه المسلكيات الضارة بالدولة وسيرورة المجتمع وكذلك مستقبل اجياله..
هذا الكلام الجميل وهذا التنظير السهل سمعناه اليوم وتابعناه لكن لا احد كلف نفسه التأمل مليا والتفكير بشكل عميق حول طبيعة هذا الفساد وفي اي مجتمع، نسي هؤلاء ان الفساد هواء ملوث يستنشقه الجميع والدولة الرسمية والمجتمع والثقافة السائدة هي حواضن لهذا الفساد وهي من تحميه..
لاتوجد قبيلة ولا مجموعة ولا اي مدرسة سياسية على الاقل  ترفض الفساد وتمقته وتزدري المتهمين به هناك فعلا استثناءات ستبقى موجودة في المجتنع رغم قلتها كي نكون منصفين...
ان التعيينات الوصولية والزبونية التي نشاهدها اليوم في الادارات والمرافق العمومية ترتكز على مبدأ الغنيمة وتقاسمها.. فكم من مسؤول  جعل نصب عينيه تعيين اقاربه وتحسين اوضاعهم  وتوفير فرص الثراء والمستقبل المريح له ولابنائه..وكم من وظيفة او منصب منح لهذا الشخص او ذاك ليس على اساس الكفاءة وانما كنوع من القرعة وتوزيع الغنائم..
اما ما نراه من تهور وتلاعبب باموال الدولة وتبرير الصرف في اوجه غير مبررة فحدث عنه ولا حرج..تمويل وزارة الصحة لمباريات كروية مثلا
ناهيك عن الصفقات والمشتريات التي رفعت اقواما من حضيض الفقر الى آفاق الاغتناء السريع والثراء الباذخ...
مؤسف جدا ان ترى الظلم وان تعيشه انت بنفسك او تتعايش معه لحظة بلحظة ودقيقة بدقيقة في وطنك وليس امامك الا التسليم به والقبول بما يقتضيه  الواقع الظالم الذي عاد بنا الى الوراء او نحن من عدنا به من كهوف الزمن السحيق...
محفوظ الجيلاني